لم تكن رباعية ريال مدريد في شباك فالنسيا مجرد انتصار كروي جديد يكرّس زعامة “الميرنغي” في الدوري الإسباني، بل حملت أيضًا بعدًا ماليًا خفيًا جعل جماهير “سانتياجو برنابيو” تحتفل بينما تبتسم خزائن نادي فنربخشة التركي في صمت. السبب؟ نجمهم السابق، أردا جولر، الذي لم يكتفِ بخطف الأضواء داخل الملعب، بل حرّك الأرقام في دفاتر الحسابات أيضًا.
في تلك الليلة، قدّم ريال مدريد عرضًا كرويًا مبهرًا أنهى به الأسبوع الحادي عشر بفوز عريض (4-0) على فالنسيا. تناوب على تسجيل الأهداف كيليان مبابي مرتين، ثم جود بيلينجهام وألفارو كاريراس، في حين كان الحضور اللافت للشاب التركي جولر، الذي صنع الهدف الثاني وأبهر الجماهير بأدائه الناضج. إلا أن مشاركته هذه لم تكن مجرد رقم جديد في مشواره، بل كانت المباراة رقم 75 له بقميص النادي الأبيض، وهو الرقم الذي فعّل تلقائيًا بندًا ماليًا جديدًا في عقد انتقاله من فنربخشة إلى ريال مدريد.
وفقًا للاتفاق الموقع بين الناديين صيف عام 2023، يحصل فنربخشة على مكافأة قدرها مليونا يورو مقابل كل 25 مباراة رسمية يخوضها جولر مع الفريق الإسباني. ومع بلوغه المباراة رقم 75، تكون الدفعة الثالثة قد وصلت رسميًا إلى خزائن النادي التركي، لترتفع القيمة الإجمالية التي دفعها ريال مدريد حتى الآن إلى 26 مليون يورو من أصل صفقة يمكن أن تتجاوز 30 مليونًا عند اكتمال بنودها.
لكن الصفقة لم تنته بعد، إذ ينتظر فنربخشة دفعتين إضافيتين بقيمة 2 مليون يورو لكل منهما عند وصول اللاعب إلى مباراته المئوية ثم إلى المباراة رقم 125. غير أن المكسب الأكبر المحتمل يكمن في احتفاظ النادي التركي بنسبة 20% من أي صفقة بيع مستقبلية للاعب، ما قد يعني عائدًا ضخمًا إذا واصل جولر تألقه اللافت وارتفعت قيمته السوقية في السنوات القادمة.
رحلة جولر مع ريال مدريد لم تكن سهلة. فالشاب التركي البالغ من العمر 20 عامًا واجه موسمًا أول مليئًا بالإصابات والإحباطات، حيث غاب طويلًا بسبب مشاكل في الركبة والعضلات. غير أنه مع بداية الموسم الحالي تحت قيادة المدرب تشابي ألونسو، انقلبت المعادلة رأسًا على عقب. فقد أصبح جولر عنصرًا أساسيًا في التشكيلة، شارك في 14 مباراة سجل خلالها 3 أهداف وصنع 6 تمريرات حاسمة، مؤكّدًا أنه تجاوز محنة الإصابات وأثبت أحقيته بارتداء القميص الملكي.
اليوم، يبدو أن ريال مدريد وجد في جولر موهبة فريدة تبرر كل يورو دُفع من أجله، فيما يواصل فنربخشة جني ثمار استثماره الذكي في أحد ألمع نجوم الكرة التركية. وبينما يحتفل المدريديون بانتصاراتهم المتتالية، يحتفل الأتراك بالأرباح التي تتدفق من مدريد إلى إسطنبول — في مشهد يختصر المعنى الحقيقي لعبارة: “ربح في الملعب وربح في السوق.”
